قيّم الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني جميل بايك الجوانب الذاتية لثورة روج آفا وأشار إلى أن مبادئ المجتمع الديمقراطي وحرية المرأة والمجتمع البيئي تقدم نموذج حل ليس فقط لشمال وشرق سوريا، بل لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وأشار بايك إلى مقاومة الشعب ضد هجمات الدولة التركية، وقال: "إذا تم إحباط هجمات الدولة التركية فإن الثورة ستستمر بشكل أقوى".
وجاء في الجزء الرابع من المقابلة التي أُجريت مع جميل بايك، الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، ما يلي:
العملية التي بدأت في سوريا بهجمات على حلب في 27 تشرين الثاني، وتسارعت مع الإطاحة بالأسد، لا تزال مستمرة. كيف حدثت هذه التطورات بهذه السرعة؟ كيف ينبغي تقييم موقف النظام والقوى الداعمة لها (روسيا وإيران)؟ هل هناك اتفاق بين الكتلة التي تقودها روسيا والقوات التي تقودها الولايات المتحدة؟ كيف يمكن التنبؤ بسوريا الجديدة؟
كانت العملية التي أدت إلى سقوط نظام البعث في سوريا سريعة للغاية، لكن الاستعدادات لها كانت منذ فترة طويلة، وكانت العملية سريعة، لكنها لم تحدث فجأة، إن فشل إيران وروسيا في المقاومة، وانسحاب الجيش السوري من دون مقاومة، ورحيل بشار الأسد في نهاية المطاف أمر غير معتاد، لذلك، من الواضح جداً أنه تم التوصل إلى اتفاقات ومفاوضات، وبطبيعة الحال، سيكون من الضروري تقييم وضع كل قوة ذات صلة على حدة.
تاريخ بدء العملية الجديدة في الشرق الأوسط هو هجوم 7 تشرين الأول 2023، وبعد هذا التاريخ، وجدت الولايات المتحدة وإنجلترا وإسرائيل أنه من المناسب وضع خططها للشرق الأوسط موضع التنفيذ، وفي هذا السياق، تم استهداف قوة إيران في المنطقة. ومع العنف الذي تجاوز التوقعات بكثير، أصبحت القوات الموالية لإيران مثل حماس وحزب الله والحوثيين هدفاً للولايات المتحدة وإنجلترا وإسرائيل، ربما تم تسليط الضوء على إسرائيل باعتبارها القوة الضاربة، لكن المنفذ الحقيقي لهذه الحرب هو الولايات المتحدة، مرة أخرى، بعد الولايات المتحدة، تقف إنجلترا وراء هذه الحرب. ومن ناحية أخرى، وجدت إيران نفسها في هذه العملية غير مستعدة، كما شهدت إيران نفس المفاجأة التي شهدتها روسيا في حرب أوكرانيا، والواقع أن بقية العالم، فضلاً عن روسيا، اندهشت من الحرب الأوكرانية، على سبيل المثال، كان الجنرالات الأتراك يقولون على الشاشات إن روسيا ستحتل أوكرانيا في غضون أيام قليلة. لذلك، لم يتوقع أحد الخطة الأمريكية، ولم يعتقد أو يتوقع أن إدارة بايدن ستهيمن بسرعة على الناتو، اعتقد الجميع أن هذه كانت خطة روسيا وبوتين. ربما تكون روسيا قد وضعت خطة خاصة بها. ومع ذلك، ربما أدرك بعد ذلك بكثير أن هناك فرقًا كبيراً بين ما واجهه وما كان يعتقده.
والوضع نفسه حدث مع الهجوم الذي شنته إسرائيل على حماس. كان الجميع يعتقد أنه سيتم وقف إطلاق النار خلال أيام قليلة، ولن يستغرق الأمر أسابيع. ومع ذلك، فإن هذا لم يحدث، وبعد استهداف حماس وإضعافها للمرة الأولى، تحول اتجاه الحرب إلى لبنان. وهنا أيضاً تم استهداف حزب الله وإضعافه، وما إن هزم حزب الله وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع لبنان حتى برز الوضع في سوريا.
من المهم أن قوة حزب الله قد انهزمت قبل نشوء الوضع في سوريا، ولو لم يتم ذلك، لما حدثت التطورات في سوريا بهذا الشكل، وحتى لو كان من المقرر الإطاحة بالنظام، فإن مثل هذه السرعة لم يكن ليحدث. مما لا شك فيه أن استهداف وإضعاف حماس أولاً ثم حزب الله كان سبباً في إضعاف قوة إيران في المنطقة. وعلى وجه الخصوص، ضمّن وجود حزب الله نفوذ إيران في سوريا. لكن غياب حزب الله كان له تأثير سلبي على نفوذ إيران في المنطقة، في مثل هذا الوضع، لم يبق أمام إيران سوى شيء واحد لتفعله، وهو خوض الحرب باسم إيران وكدولة، ويبدو أن هذا لم يعتبر مفيدا أو لم يؤخذ في الاعتبار، ولم تتخذ إيران مثل هذا القرار. إذا كان هذا هو موقف إيران، فلا جدوى من الانسحاب باتفاق أو من دونه. ومن خلال التصرف بهذه الطريقة، ربما تكون إيران قد منعت، أو على الأقل أجلت، ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن القوة التي عانت أكثر من غيرها من هذه العملية كانت إيران. ولم تفقد نفوذها في سوريا فحسب. كما أن وضعها في العراق في خطر.
لقد بدأت العملية الجديدة في الشرق الأوسط بحجة هجوم حماس، ولكن مع الحرب الأوكرانية، تبين أن قوى الحداثة الرأسمالية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أرادت إعادة تصميم النظام العالمي أو تسريع وإنهاء هذا العمل الذي بدأ سابقاً. هذه هي تقييم حركتنا وقد أعدت نفسها على هذا الأساس. لذلك بدأوا ذلك بحرب الأوكرانية، أو ظهرت بوادر ذلك مع بداية هذه الحرب. ومن الواضح أن الحرب الأوكرانية تحولت إلى مستنقع بالنسبة لروسيا. ومن خلال جر روسيا إلى الحرب، أضعفت الولايات المتحدة قوتها، وشككت في شرعيتها، وعطلت بشكل أساسي مشروع طريق الطاقة الذي سيمر عبر شمال كردستان، وبينما كانت روسيا في مثل هذا الوضع وكانت تسعى إلى إنهاء الحرب مع أوكرانيا بطريقة أو بأخرى، لم يكن بإمكانها معارضة خطة الولايات المتحدة وإنجلترا وإسرائيل ودخول الحرب لصالح النظام في سوريا. والمسألة التي تتم مناقشتها الآن هي ما إذا كانت روسيا قد توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة أم لا. وهناك احتمال كبير بأنه توصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن حرب أوكرانيا. وربما يكون قد عقد مثل هذا الاتفاق مع ترامب، إن لم يكن مع إدارة بايدن. ومن الواضح أن روسيا حاولت الخروج من هذا الوضع بأقل خسارة أو أعلى مكسب ممكن، مع مراعاة الظروف. ويقال إن قواعدهم في شمال غرب سوريا توقفت في الوقت الراهن. ولا نعلم هل ستستمر على هذا المنوال أم أنها ستضطر إلى الرحيل. ومع ذلك، فمن المؤكد أن روسيا قبلت أهون الشرين، وتعرض نفوذها في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط لضربة قوية.
ولم يكن من المتوقع أن يكون نظام البعث فعالاً في غياب إيران وروسيا. لقد فقد قوته وإرادته منذ فترة طويلة. لم يكن أمام نظام البعث سوى مخرج واحد، وهو التوصل إلى اتفاق مع الكرد وإدارة شمال شرق سوريا، لاتخاذ خطوات ديمقراطية على هذا الأساس وإجراء التحول الديمقراطي نفسه. ومع ذلك، لم يتمكن من إظهار هذه البصيرة. في رأينا، كانت هناك شروط لذلك. لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب تأثير القوى الخارجية وبنيته العقائدية الأحادية المنغلقة تماما على التغيير.
ونتيجة لذلك، فإن الوضع الذي نشأ في سوريا كان متوافقاً مع الخطة المنفذة في نطاق إعادة تصميم الشرق الأوسط. إن نوعية التطورات التي ستشهدها سوريا من الآن فصاعدا، ونوع النظام الذي ستحكم به، ستحدده التطورات في نطاق هذه الخطة.
بالتوازي مع هجمات هيئة تحرير الشام على المدن السورية، هاجمت دولة الاحتلال التركي ومرتزقة الجيش الوطني السوري مناطق الإدارة الذاتية، وخاصة منبج، فكيف ينبغي فهم هذا التوازي والتزامن؟ ما هي سياسة القوى الدولية اتجاه روج آفا وشمال وشرق سوريا؟
في الوقت نفسه، من الضروري عند النظر إلى الأحداث والتطورات التي حصلت في سوريا، الوقوف على الموقف التركي وحكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بشكل جدي ومن الواضح أن تركيا لم تُمنح دوراً في إعادة تصميم خارطة الشرق الأوسط من جديد كما كان من قبل، الآن يمكن ملاحظة أنه من خلال التدخل في الشأن السوري، فإنَّها تحاول تعزيز موقفها.
في الوضع الحالي، يمكن القول أن موقف دولة الاحتلال التركي في سوريا أن يتطور، لكن ليس من الواضح ما إذا كان ذلك سيستمر أم لا وكما أوضحت في البداية، فإنَّ نهج دولة الاحتلال التركي كان يعتمد في البداية على معارضة خطة الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا وإسرائيل. وبما أنه تم استبعاد تركيا من مشروع IMEC بعد قمة مجموعة العشرين في الهند، فقد كان موقف طيب أردوغان معارضًا بشكل واضح.
لقد أوضحوا بأنَّهم لن يسمحوا بمشروع لا يشاركون فيه وبعد مرور شهر واحد فقط، قامت حماس بالهجوم "طوفان الأقصى" ثم استخدمت الولايات المتحدة وإنكلترا وإسرائيل ذلك كذريعة ونفذت الخطة التي أعدتها من قبل، وهكذا بدأت عملية جديدة في الشرق الأوسط.
ومن الواضح جدًا أن كل شيء تم التخطيط له مسبقًا ولم يبق إلا شرارة للبدء بالمخطط، وهذا ما فعلته تركيا بحماس وما لا نعرفه هل استخدم طيب أردوغان نفسه وهو يعلم كل هذه الأمور أم أنه جاء إلى اللعبة دون علم؟ وحتى لو كنا لا نعرف ذلك، فبالطبع رأينا أن هذا الوضع يؤدي إلى نتائج سلبية من جانبهم، مما أدى إلى الاتفاق مع الولايات المتحدة، والآن تعمل الولايات المتحدة وإنكلترا وإسرائيل وفقًا للخطة المتعلقة بسوريا.
لم يكن هجوم دولة الاحتلال التركي على روج آفا أو هجومهاً غير متوقع، وقد استعدت لذلك المرتزقة التي يسمونها الجيش الوطني السوري، وعندما ظهر الوضع الجديد في سوريا، حول هذا الوضع إلى فرصة ودفع مرتزقته إلى الأمام وبدأ هجومًا جديدًا، ويوجد جنود أتراك وضباط أتراك ضمن ما يسمى بالجيش الوطني السوري، و لا يزال الضباط الأتراك يديرون الجيش الوطني السوري،و هدف دولة الاحتلال التركي واضح، يريد القضاء على الإدارة الذاتية باحتلال روج آفا وهذا هو الهدف من الهجمات.
عندما برز الوضع الجديد في سوريا، كانت الأماكن الأكثر أهمية هي الشهباء وتل رفعت،و هنا كانت هناك مخيمات للمهجرين قسراً من عفرين وفي المنطقة الواقعة بين هذه المخيمات وحلب، كانت هناك إيران وروسيا،و لكن عندما تركت إيران وروسيا هذه المناطق للمرتزقة وانسحبتا، تمت محاصرة تل رفعت بالكامل وعلى ذلك قامت قوات سوريا الديمقراطية بإنشاء ممر وحاولت الوصول الى ذلك المكان ،لكنهم لم ينجحوا.
وعندما لم يحدث ذلك، تقرر إخراج الأهالي من تلك المنطقة، ومن ثم بالاتفاق تم إخراج أهالي عفرين الذين بقوا في الشهباء وتل رفعت من هناك،و كما قامت دولة الاحتلال التركي ومرتزقة الجيش الوطني السوري بالدعاية لأنفسهم وكأنهم عالقون في الحرب،و لكن بما أن الحرب لم تحدث في الواقع، فإنَّ الانسحاب تم بالاتفاق وتستمر مقاومة الأهالي ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية حتى في الأماكن الأخرى التي تعرضت للهجوم ويبدو أن مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية يخوضون مقاومة كبيرة في منطقة سد تشرين وقره قوزاق وألحقوا بالعدو خسائر كبيرة.
وبما أن العدو لا يستطيع السيطرة على هذه الأماكن، فإنَّه لا يجرؤ على التحول إلى أماكن أخرى، لقد أدركت دولة الاحتلال التركي أنها لا تستطيع الانتصار على قوات سوريا الديمقراطية بمرتزقة الجيش الوطني السوري فقط، فهي تضغط على هيئة تحرير الشام وتجبرها على اتخاذ موقف ضد قوات سوريا الديمقراطية.
مقاومة القوى الثورية والشعب ستحدد مستقبل روج آفا وشمال وشرق سوريا،و حتى اليوم، حدث المزيد من الاحتلال و العديد من الهجمات التي قامت بها دولة الاحتلال التركي أمام أعين قوات التحالف، لكنهم لم يتخذوا موقفا ضد هذا.
ومن دون موافقتهم، لا تستطيع دولة الاحتلال التركي شن أو القيام بهذه الهجمات، ولذلك، فمن الضروري عدم الانتظار، و يحتاج شعب روج آفا وشمال وشرق سوريا إلى الاستعداد الكامل للحرب يحتاج الشعب إلى حماية أنفسهم في كل مكان وبهذه الطريقة، إذا تكاتف الشعب والقوى الثورية ووقفوا صفاً واحداً ضد الهجمات، فإنَّ العدو لن يحقق أيَّ نتيجة بكل تأكيد، وكما يجب على شعبنا وأصدقائنا في الأجزاء الأخرى وفي الخارج أيضًا دعم ثورة روج آفا ولهذا يجب أن يقفوا ضد هذه الهجمات ويناضلوا ، ويجب عليهم تأييد الرأي العام من خلال التعبئة الجماهيرية وتعبئة المجتمعات في كل مكان، ويجب خلق ضغط سياسي لوقف هجمات دولة الاحتلال التركي الفاشي.
دخلت ثورة روج آفا عامها الـثالث عشر، فما هو مستوى البناء النموذجي والاجتماعي للثورة في روج آفا، شمال وشرق سوريا؟ رغم الحصار والهجمات التي استمرت طيلة عام 2024، إلا أنكم تصديتم لهذا الشيء بقوتكم الذاتية، كيف يجب فهم ذلك؟ في ظل التطورات التي حصلت في الآونة الأخيرة، ما هي التهديدات التي ستواجه المجتمع والإدارة الذاتية في العام الجديد؟ ما هي الفرص التي سيخلقها الوضع الراهن لنضال الكرد من أجل الوجود ولحلفائهم أيضاً؟
طبعاً، بوجود هذا الكم الهائل من الهجمات والضغوطات، فأن ثورة روج آفا بحد ذاتها حدثٌ كبير، وهذا الشيء بالتأكيد نتيجة محاولاتٍ وأعمالٍ كبيرة، وكما يُرى ألان يتم انهيار الأنظمة، والدول أيضاً، فالهجمات التي تُشن على روج آفا ليست أقل من غيرها من الهجمات، بل أكثر منها، لكن ورغم ذلك فثورة روج آفا قاومت بشكلٍ كبير أمام هذه الهجمات وما زالت صامدةٌ حيال ذلك، حقيقةً أن ثورة روج آفا باتت تتطور كواحةً وسط الصحراء، في الشرق الأوسط، وعلى متن منطقةٍ جغرافية، حيث تتحاصص عليها القوى المتقدمة، فإن وجود قِوى بديلةٍ هناك أصعب مما يُعتقد، بلا شك فإن البقاء ليس المقياس الوحيد، فللثورةِ أهدافٌ ومبادئ، لذا يجب تقييمها وتناولها بحسب هذه الأهداف والمبادئ، ولكن لا يتم تقييمها دون وجود شروطٍ بالهجمات التي تُشن.
إذا اردنا تقييم ثورة روج آفا، يجب أخذ أهدافها، ومبادئها، وجانبها الذاتي بعين الاعتبار وتقييمها على هذا الأساس، قبل كل شيء فإن ثورة روج آفا لا تتصرف وفقاً لنموذج الدولتية، في الأسلوب الاشتراكي الحقيقي، فأن الدولة لا تقوم بتطوير مجتمع جديد بدءً من أعلى أسس بناءها، فأنه لا يعطي للدولة الأملاك والسلطة جميعها، ولا يغير المجتمع بسواعد الدولة، فالأساليب التي لم تتناول منها الإشتراكية الحقيقية، نتائج معنية، لا تراها صحيحة، لذا فأن ثورة روج آفا تستند على التجمع الديمقراطي بتيقنٍ تام على أن الشخص الحر يتمكن من بناء الثورة، وتهدف إلى تغيير المجتمع على هذه الأسس، نستطيع التعبير بمقولةٍ أخرى، تريد بناء الثورة على أساس تغيير الذهنية أو العقلية وتطويرها بانضمام المجتمع، عندما تطبق ذلك فأنها تأخذ حرية المرأة أساساً لها، فأنها على هذا الاعتقاد بأن بناء الثورة والاشتراكية تتمكن من تطوير مفهومٍ جديد للحياة، التي تستطيع أن تُبنى على أساس حرية المرأة، مرةً أخرى، يعتبر البيئة والحياة البيئية هي الطريقة الأساسيةِ للحياة، وعلى هذا الأساس ببناء حياة المجتمع الديمقراطي المنظم، تهدف إلى تطوير حياة الحداثة الديمقراطية ضد حياة الحداثة الرأسمالية، من ناحية أخرى تحاول تطوير مفهوم الأمة الديمقراطية للتغلب على مفهوم العقلية العنصرية والطائفية والأحادية التي أدخلتها حداثة الدولة القومية إلى المجتمع.
عندما نقيم ثورة روج آفا بحسب هذه المبادئ الأساسية والأبحاث الاستراتيجية الذي تحدثنا عنهم باختصار سابقاً، نستطيع أن نؤكد ببساطة بإن تطوراتٍ مهمة قد حدثت التي أظهرت معها نتائج مهمة على أرض الواقع، بدايةً تطورت الحياة المشتركة من أجل كافة شعوب في شمال وشرق سوريا بمفهوم الأمة الديمقراطية، هذه كانت بمثابة امتحانٍ للشرق الأوسط، لذا فأنها أصبحت نموذجاً لسوريا والشرق الأوسط، فالتطور الثاني المهم هو الانتصار بحرية المرأة، إن تطور المرأة بثورة روج آفا تفوق المعايير العالمية، عندما ينظر المرء إلى تطور المرأة بثورة روج آفا، يستطيع المرء أن يتمعن بأن ثورة الشرق الأوسط ستنتصر على هذا الأساس، من جانبٍ أخر بقدر ما نرى هناك عملٌ فريد من نوعه لبناء الثورة، يجري العمل في كل مكان على أساس تنظيم مجالس الشعب، وللجان، نحن نعلم أن هناك جهدًا مستمرًا لإزالة النواقص في البناء، بلا شك فأن الهجمات، والحصار والتهجير، والاحتلال، يؤثر سلباً على حياة المجتمع، وبطريقةٍ طبيعية تدافع عن الثورة ضد الهجمات والاحتمالات التي تأتي ضمن هذا المجال، بلا شك عندما يكون مستقبل الثورة تحت التهديد والمخاوف، فأن الدفاع عن الثورة هي المشكلة الأساسية ، ويجب الانتباه انه يكون على هذا الأساس فقط.
التهديد الرئيسي الآن يأتي من الدولة التركية، إذا تم هزيمة هجمات الدولة التركية على أساس المقاومة الشاملة للمجتمع، فإن الثورة سوف تتطور وتصبح نموذجاً لسوريا بأكملها، الحل الحقيقي لسوريا هو تجربة شمال وشرق سوريا، وينبغي لسوريا أن تستفيد من هذه التجربة.
في إطار الاتفاق المبرم بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق، تتواصل الهجمات ضد حركة الحرية، ومن ناحية أخرى، أجريت الانتخابات في جنوب كردستان، ولم يتمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني من الحصول على الأغلبية للوصول إلى السلطة، وتستمر المشاكل الداخلية في العراق، ومرة أخرى، لم يتم حل قضية كركوك وشنكال، كيف كان عام 2024 بالنسبة لجنوب كردستان؟ وكيف أثرت هجمات الاحتلال على المجتمع؟ وأي عام ينتظره مجتمع جنوب كردستان؟
يعتبر العراق من أكثر الأماكن تأثراً بالتطورات في الشرق الأوسط، وفي هذا الصدد، يمكن القول إن العراق أكثر الدول تأثراً بالوضع الجديد في سوريا، وإيران بالأساس هي المستهدفة من التطورات في الشرق الأوسط في نطاق خطة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل، ومن المخطط إعادة تصميم الشرق الأوسط من خلال كسر شوكة إيران، حيث أن إيران هي القوة الرئيسية المستهدفة في جميع الهجمات بدءاً من الهجمات ضد حماس وحتى سقوط النظام في سوريا، فقد كُسرت قوة إيران أولاً في غزة، ثم في لبنان والآن في سوريا، وبالنظر إلى قوة إيران ونفوذها في العراق، يمكن توقع أن يكون العراق هو التالي بعد سوريا، وهذا الاحتمال كبير، وفي هذا الصدد، أصبح وضع العراق ومستقبله غامضاً برمته.
في الواقع، ظلت المشكلة العراقية دون حل برمتها، فقد تمت الإطاحة بالنظام البعثي في عام 2003، لكن لم يكن بالإمكان وضع نموذج لحل المشاكل بشكل دائم، ولم يكن بالإمكان إعداد دستور يحل المشاكل بشكل كامل، وظلت مناطق الموصل وكركوك مناطق متنازع عليها في الدستور، وجرت محاولة وضع حل في نطاق العراق فقط، ولكن تبيّن أن ذلك لم يكن ناجحاً، وبما أنه لم يكن بالإمكان وضع حل يشمل كل المناطق بأكملها، حاولت تركيا وإيران الاستفادة من هذا الوضع. وحاولت إيران من خلال الشيعة والدولة التركية من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني والسنة فرض نفوذها على العراق، والآن يُرى أنه قد تم استخلاص الدروس المستفادة من هذا الأمر واتخذت المقاربة الإقليمية أساساً، وعلى هذا الأساس، من المتوقع أن يتم تطوير مقاربة تجاه العراق وكسر النفوذ الإيراني، وإذا حدث مثل هذا التطور، فإن التوازنات في العراق ستتغير مرة أخرى. كما قد يأتي تفكك العراق على جدول الأعمال، ومن ناحية أخرى، من غير المرجح أن يكون رد فعل إيران على ذلك هو نفسه الذي حدث في سوريا، لأن العراق بمثابة القلعة الأخيرة في الخارج بالنسبة لإيران، وعلاوة على ذلك، ستمتد الحرب مباشرة إلى داخل إيران، وفي هذا الصدد، قد يتطور رد فعل إيران القوي، وهذا يزيد من احتمالية تفكك العراق.
واسمحوا لي أن أذكر ما يلي بشأن الاتفاق التركي-العراقي، يجب أن يستخلص العراق درساً من الوضع في سوريا، حيث أُسقط بشار الأسد بمساعدة أردوغان.، والآن يريد أن يدير الإدارة في دمشق مثل ولاية من ولاياته، وغداً، عندما يتخذ قراراً مماثلاً بشأن العراق، قد يشركون الدولة التركية هنا أيضاً، فبمساعدة طيب أردوغان، إما أن يقوموا بتفتيت العراق إلى أجزاء أو تحويله إلى وضع يشبه وضع دمشق، وفي هذه الحالة، لن يكون للإدارة الجالسة في بغداد سلطة وصلاحيات أكثر من سلطة وصلاحيات المحافظ، ومن المدهش حقاً أن العراقيين لا يرون ذلك، لا نفهم ما إذا كان جميع العراقيين لا يستطيعون رؤية ذلك أم أنهم يستطيعون رؤيته ولكنهم لا يستطيعون التأثير على السوداني، فالعراق لن يستفيد من العلاقات مع تركيا، على العكس، هذه العلاقات خطر كبير على العراق، عندما أطيح بالملكية العراقية في عام 1958، كان أول ما تم في اليوم الثاني للثورة هو إلغاء حلف بغداد، لأن العلاقات مع تركيا قادت العراق إلى كارثة، والآن، وبعد كل هذه التجارب، فإن دخول العراق من جديد في مثل هذه العلاقة مع الدولة التركية، يعني أنه لا يستخلص الدروس من التاريخ ولا يقرأ تطورات اليوم بشكل صحيح.
ولقد ربط الحزب الديمقراطي الكردستاني والبارزانيون مصيرهم بالكامل بالدولة التركية والسلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، فهم يعملون وفقاً لأهداف ومخططات الدولة التركية، وليس وفقاً لمطالب الشعب الكردي وحريته ومستقبله، الشيء الوحيد الذي يهدفون إليه من وراء ذلك هو الكسب المادي، ليس لديهم أي اهتمامات أو أفكار أخرى غير الكسب المادي، حيث تحول الحزب الديمقراطي الكردستاني والبارزانيون إلى متواطئين بالكامل، وهذا الموقف المتواطئ وضع جنوب كردستان في خطر كبير، فهم يدعمون علناً احتلال جنوب كردستان ويضفون الشرعية على الاحتلال، وفي الوقت الذي كانت الكريلا تقاوم الاحتلال، كان الحزب الديمقراطي الكردستاني في وضع يسمح له بتقديم كل أنواع الدعم للعدو، ويقوم جهاز الاستخبارات التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني ”باراستن“ بتقديم الدعم والمشاركة بشكل مباشر في جميع الهجمات والمجازر التي ينفذها جهاز الاستخبارات التركية (MÎT) ضد الوطنيين في جنوب كردستان، ولولا دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني، لما تجرأت الدولة التركية على مهاجمة ساحات الكريلا أو قتل واغتيال الوطنيين في وسط المدن، فكل هذا يحدث بدعم من الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولا يتوقف الحزب الديمقراطي الكردستاني عند هذا الحد، بل يفرض ويهدد الجميع خارج دائرته ليكون متواطئاً وخائناً مثله، فهو يحاول أن يجعل الجميع متواطئين مع الدولة التركية، ومن ناحية أخرى، ومع نظام النهب الذي أنشأه، ترك الشعب بلا أمل وبلا مستقبل، ولقد استحوذ على جميع الإمكانيات وترك الشعب في حالة من الفقر والغموض، وكما هو الحال في المناطق المحتلة الأخرى من كردستان، هناك هجرة قاسية من جنوب كردستان إلى الخارج، من ناحية أخرى، وكما هو واضح، لا توجد إدارة لجنوب كردستان، ولا يوجد نظام فعّال، لا توجد أساليب وعمليات ديمقراطية، وهذه هي خطة السرقة التي قدمها البارزانيون للعدو من أجل مصالحهم الخاصة.
ويتعامل الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الأجزاء الأخرى من كردستان بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع جنوب كردستان، وكما فعل في جنوب كردستان، فإنه يتصرف وفقاً لمخططات الدولة التركية في الأجزاء الأخرى من كردستان، فه لا يفكر بالمصالح الوطنية لشعبنا في هذه الأجزاء بل بالمنافع المادية التي سيجنيها من علاقاته مع العدو، كان هذا هو نهجه في روج آفا وشمال كردستان وشرق كردستان، وفي كل مكان يتصرف فيه وفقاً لمخططات العدو، فهو في موقف يدعم هجمات العدو ويضفي الشرعية عليها، ويشكل هذا الموقف من الحزب الديمقراطي الكردستاني الخطر الأكبر، ويمكننا القول إن الخطر الأكبر على شعب كردستان ليس من العدو في الخارج، بل من السياسة المتواطئة والخائنة التي طورها الحزب الديمقراطي الكردستاني في الداخل، وهذه السياسة التي ينتهجها الحزب الديمقراطي الكردستاني هي التي تجعل العدو خطراً، بالطبع، القضية الأهم هنا هي تطوير موقف وطني ضد خط التواطؤ والخيانة الذي طوره الحزب الديمقراطي الكردستاني، أولاً وقبل كل شيء، من الضروري على وجه الخصوص تطوير مثل هذا الموقف في جنوب كردستان، وعلى هذا الأساس، يجب على جميع الأحزاب والمنظمات والمؤسسات الوطنية والشخصيات الوطنية أن تتكاتف في خط الوطنية ضد خط التواطؤ والخيانة، وأن تقود النضال الوطني الديمقراطي من خلال قوتهم المشتركة.
على مدار العام الفائت، استمرت الحرب بين إسرائيل وقوات ما يسمى بالهلال الشيعي أو محور المقاومة المتأثر بإيران، كما انخرطت إيران في الحرب خلال هذه المرحلة. وقد ضعفت هذه القوى بشكل كبير، وهناك معارضة اجتماعية جادة ضد سياسات إيران في الداخل، خاصة في شرق كردستان التي كانت في مقاومة مهمة منذ انتفاضات ”جينا أميني، وهناك أيضاً مقاومة في السجون الإيرانية، خاصة من قبل المعتقلات السياسيات، كيف تقيّمون هذه المقاومة؟ وكيف تؤثر التطورات الإقليمية الحالية على شرق كردستان؟ وما نوع التطورات المتوقعة حصولها في إيران وشرق كردستان في الفترة القادمة؟
إن الرغبة في الحرية والحياة الديمقراطية عالية جداً في إيران، حيث كان المجتمع الإيراني وشعب شرق كردستان على الدوام منتفضين ومنخرطين في المقاومة، ومع انتفاضة المرأة، الحياة، الحرية بدأت مرحلة جديدة في النضال وتطورت قيادة المرأة، فالشعوب الإيرانية لديها قرن من النضال والتجربة، حيث تم خوض نضال مشترك ضد نظام الشاه وتمت الإطاحة بنظام الشاه، وكان سقوط نظام الشاه، الذي كان خاضعاً بالكامل لسيطرة الحداثة الرأسمالية، انتصاراً كبيراً للمجتمع ضد الحداثة الرأسمالية، وفي هذا الصدد، كان عام 1979 نقطة تحول تاريخية مهمة، غير أن التطورات التي تلت ذلك كانت مناهضة للثورة، وتحت مسمى السلطة الإسلامية، انحرف الخط الثوري وتعثر بحث المجتمع عن الحياة الديمقراطية، وبالتالي، لم يكن بالإمكان حل المشاكل في إيران واستمرت في التفاقم، واليوم، تواجه إيران مشاكل اجتماعية متفاقمة.
ولم يكن ميزان القوى الذي طورته إيران من خلال قواها الخارجية قائماً على أساس متين، فقد عززت نفوذها في المنطقة ليس من خلال جهودها الذاتية، بل من خلال الاستفادة من خطة الشرق الأوسط التي لم تكتمل أو لم تنجزها الحداثة الرأسمالية، فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، دخلت إعادة تصميم الشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على جدول الأعمال، وتطور التدخل الأمريكي في العراق في هذا السياق، إلا أن هذا التدخل لم يمتد ليشمل المنطقة بأكملها ولم يكتمل، ولم يكن بالإمكان تطوير نظام يغطي المنطقة بأكملها، وقد أدى هذا الوضع إلى خلق ثغرات في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق، وقد استغلت إيران هذا الفراغ وزادت من نفوذها في الشرق الأوسط من خلال القوات التابعة لها، وقد أبدت الدولة التركية نهجاً مماثلاً، وإلا أن نضالنا حالَ دون تمكن الدولة التركية من ترسيخ نفوذها في المنطقة أكثر من اللازم، لكن أن إيران تعاملت مع هذا الوضع بطريقة خاطئة، ورأت أن التطورات التي حققتها في المنطقة لم يكن إلا من أجل مصالحها الخاصة، فاعتقدت أن نفوذها في العراق وسوريا لم يكن إلا من أجل مصالحها الخاصة، فعلى سبيل المثال، وبسبب هذا النهج الخاطئ، تجاهلت التطورات التي حققتها حركتنا في الشرق الأوسط، وقد تبيّن الآن أن الوضع ليس كما اعتقدت إيران، فعندما تم وضع خطة تشمل المنطقة بأكملها على أساس إعادة تصميم الشرق الأوسط، فإن المحور الذي شكلته إيران واعتقدت أنه قوي قد ضُرب وتفكك في وقت قصير جداً.
وإن إيران، إلى جانب تركيا، هي القوة الأكثر عرضة للخطر، فهي من ناحية تواجه مشاكل اجتماعية حادة وتعاني من صعوبات من ناحية، ومن ناحية أخرى هي الهدف الأساسي للمخطط الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، وقد شاب الضعف قوة إيران الخارجية إلى حد كبير، فبعد سقوط النظام البعثي في سوريا، يبدو أن التركيز سيكون على العراق، وهذا يعني أن الحرب ستصل إلى عتبة إيران، والواقع أن وضع إيران الداخلي الإشكالي يجعل من الممكن العبث فيه، ومع ذلك، لم يكن تفكك إيران على جدول الأعمال حتى الآن بسبب موقعها الجيوسياسي، لأنه كان هناك قلق من أنه في حالة تفككها ستفقد السيطرة عليها، وبسبب هذا القلق، تم دعم نظام الشاه وحمايته ولم يتم المساس بسلامة إيران على الرغم من الوضع الإشكالي المتناقض بعد سقوط الشاه، ولكن الآن يجري وضع خطة تصميم إقليمية، وبناءً على ذلك، فإن النهج المتبع تجاه إيران سيتغير أيضاً، فلا مفر من التغيير في إيران، فمن ناحية، المشاكل الاجتماعية الجادة القائمة، ومن ناحية أخرى، فإن خطط النظام في الشرق الأوسط وإيران تجعل من المستحيل استمرار الأمور على ما هي عليه في إيران، كثيراً ما نقول هذا الكلام، لكننا لا نعرف أي مدى يتم فهمها، ومع ذلك، اسمحوا لي أن أقول إن هناك حاجة لاتخاذ خطوات نحو التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، وإيران هي أحد الأماكن التي تشتد فيها هذه الحاجة، ويجب على إيران أن تتخذ خطوات ديمقراطية لحل القضايا، وخاصة القضية الكردية، فنحن لا نرغب بأي تدخلات لا في إيران ولا في أي مكان آخر، ونرى أنه من الصواب حل القضايا من خلال الديناميكيات الداخلية والتحول الديمقراطي، ونحن كحركة نناضل من أجل ذلك، وهذا التصور ساري المفعول بالنسبة لإيران وتركيا والأماكن الأخرى، وإن اتخاذ إيران خطوات على هذا الأساس هو السبيل الأصح، وإلا، فإن الوضع الحالي خاطئ وخطير للغاية، نحن ندين أحكام الإعدام الصادرة، ولا يمكن حلّ المشاكل بممارسة الضغط والقمع والإعدامات، ولا يمكن تحقيق أي شيء، يجب على إيران أن تتخلى عن قرارات الإعدام وتوقف عمليات الإعدام.